إن ظهور الإمام المهدي عليه السلام أصبح أمرا قريب التحقق، وقد أوردت الأحاديث مجموعة من العلامات التي تدل على وشك ظهوره، وتلك العلامات هي بالضبط أشراط الساعة الصغرى، لأن المهدي لن يعقبه إلا الأهوال الجسام من قبيل يأجوج ومأجوج وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها وغيرها من ملامح القيامة الكبرى. وسأقدم هنا بعض العلامات الواضحة والدالة على ظهور الإمام المهدي عليه السلام في الوقت القريب، ولعل الأيام المقبلة سترد كل الادعاءات الفارغة التي اكتوت بنارها الأمة عقودا من الزمن. وللإشارة فإن كل العلامات الآتية صريحة محققة في واقعنا المعاصر.
العلامة الأولى: يظهر وقد امتلأت الأرض ظلما وجورا. روى الحاكم في مستدركه[ح_رقم:8819] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:" لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا، ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا". وكلنا يرى مقدار الظلم الذي ترزح تحته الأمة في وقتنا الحاضر.
العلامة الثانية: يظهر حينما لا يكون على الناس إمام يطبق حكم الله. جاء في عقد الدرر للمقدسي عن عبد الله بن عطاء قال:" سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر رضي اله عنهما فقلت: إذا خرج المهدي بأي سيرة يسير؟ قال: يهدم ما قبله، كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستأنف الإسلام جديدا ". ومعنى هذا أن المهدي عليه السلام يخرج حين تفتقد الأمة لسلطان عادل يطبق شرع الله وسنة رسوله، فيهدم كل ما بناه الملوك والرؤساء على أساس الحكم بما لا يرضي الله.
العلامة الثالثة: يظهر حين يختلف الناس ويشتد افتراقهم. روى الإمام أحمد في المسند[ح_رقم:10898] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلَازِلَ...". والفرقة بدأت بين المسلمين منذ تربص بني أمية بالحكم. كما أن النعرات القبلية والخلافات المذهبية والانحلال السياسي قد فتتت ألفة المسلمين، فبات جليا للعيان الافتراق الفظيع الذي تعاني منه الأمة.
العلامة الرابعة: يظهر في عصر الزلازل (نفس الحديث). والزلازل المقصودة مادية ومعنوية. فالمادية هي اضطراب الأرض وتحركها، وتتكرر هذه الزلازل عدة مرات في الشهر الواحد عبر أرجاء المعمورة. والمعنوية يراد بها الأهوال والشدائد التي ملأت الأرض، حتى عم الخوف والذهول والهلع كل مكان، ولعل أكبر هذه المحن الحكم بغير ما أنزل الله.
العلامة الخامسة: يظهر حين تعم الفتن، وما أكثرها. أخرج أبو نعيم في الحلية عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة: إذا رأيتم الناس أماتوا الصلاة، وأضاعوا الأمانة، وأكلوا الربا، واستحلوا الكذب، واستخفوا الدماء، واستعلوا البناء، وباعوا الدين بالدنيا، وتقطعت الأرحام، ويكون الحكم ضعيفاً، والكذب صدقاً، والحرير لباساً، وظهر الجور، وكثر الطلاق، وموت الفجاءة، وائتمن الخائن، وخون الأمين، وصدق الكاذب، وكذب الصادق، وكثر القذف، وكان المطر قيظاً، والولد غيظاً، وفاض اللئام فيضاً، وغاض الكرام غيضاً، وكان الأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والعرفاء ظلمة، والقراء فسقة، وإذا لبسوا مسوك الضأن قلوبهم أنتن من الجيفة وأمر من الصبر يغشيهم الله فتنة يتهاوكون فيها تهاوك اليهود الظلمة، وتظهر الصفراء (يعني الدنانير)، وتطلب البيضاء (يعني الدراهم)، وتكثر الخطايا، وتغل الأمراء، وحليت المصاحف، وصورت المساجد، وطولت المنابر، وخربت القلوب، وشربت الخمور، وعطلت الحدود، وولدت الأمة ربها، وترى الحفاة العراة وقد صاروا ملوكاً، وشاركت المرأة زوجها في التجارة، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وحلف بالله من غير أن يستحلف، وشهد المرء من غير أن يستشهد، وسلم للمعرفة، وتفقه لغير الدين، وطلبت الدنيا بعمل الآخرة، واتخذ المغنم دولاً، والأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، وكان زعيم القوم أرذلهم، وعق الرجل أباه، وجفا أمه، وبر صديقه، وأطاع زوجته، وعلت أصوات الفسقة في المساجد، واتخذت القينات والمعازف، وشربت الخمور في الطرق، واتخذ الظلم فخراً، وبيع الحكم، وكثرت الشرط، واتخذ القرآن مزامير، وجلود السباع صفاقاً، والمساجد طرقاً، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليتقوا عند ذلك ريحاً حمراء وخسفاً ومسخاً وآيات ". فهذا الحديث أشار عددا من الفتن التي تحققت كلها في أيامنا، وأكبر فتنة هي غياب دولة القرآن.
العلامة السادسة: استيطان اليهود مدينة القدس وإعلان دولتهم. فمنذ جلائهم عن الجزيرة العربية، لم يملك اليهود يوما جيشا ولا دولة، حتى احتلوا الأرض المقدسة فأفسدوا وقتلوا وهدموا... وهاهم يقومون بحفريات خطيرة تحت المسجد الأقصى، ولا من يحرك ساكنا... روى مسلم في الصحيح[ح_رقم:5203] عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون...". ومعلوم أن المهدي عليه السلام هو من سيحرر القدس الشريف، إذ ليس هناك خلافة إسلامية قبله، حيث سيكون بيت المقدس عاصمة للمسلمين آنذاك. أخرج الطبراني في الأوسط[ح_رقم:1125] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" يخرج رجل من أمتي يقول بسنتي, ينزل الله عز وجل له القطر من السماء, وتخرج له الأرض من بركتها تملأ الأرض منه قسطا وعـدلا, كما ملئت جـورا وظلمـا, يعمل على هذه الأمة سبع سنين, وينزل بيت المقـدس".
العلامة السابعة: ترك النهي عن المنكر والأمر بالمعروف وإماتة السنة وإحياء البدعة. روى ابن المنادي في الملاحم عن علي كرم الله وجهه قال:" ليخرجن رجل من ولدي عند اقتراب الساعة حين تموت قلوب المؤمنين كما تموت الأبدان لما لحقهم من الضر والشدة(..) وإماتة السنن وإحياء البدع وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيحيي الله بالمهدي محمد بن عبد الله السنن التي قد أميتت...".
العلامة الثامنة: يظهر بعد انتشار قتل النفس البريئة من غير ذنب. وكم قتلت من النفوس الطاهرة في فلسطين والعراق ولبنان والشيشان وأفغانستان والصومال وكشمير والبلقان والسودان وغيرها من البلاد. فقد أخرج ابن أبى شيبة في المصنف[ح_رقم:199] عن مجاهد قال: حدثني فلان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:" أن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية, فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض, فأتى الناس المهدي فزفوه, كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها, وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا, وتخرج الأرض نباتها, و تمطر السماء مطرها, وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط".
العلامة العاشرة: الحصار على العراق وفلسطين. روى مسلم في الصحيح[ح_رقم:5189] وأحمد في المسند[ح_رقم:13886] واللفظ له عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال:" يوشك أهل العراق أن لا يجبى عليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذلك، ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجبى إليهم دينار ولا مد، قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم يمنعون ذلك، قال ثم أمسك هنيهة ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثوا لا يعده عدا ". قال الجريري: فقلت لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريانه عمر بن عبد العزيز، فقالا: لا(الحديث). والقفيز هو مكيال الحبوب، والدرهم والدينار والمد كناية على جباية الأموال والحصار الاقتصادي. ولا يخفى على أحد استيلاء الغرب وأتباعهم على العراق الغالي، وحصار اليهود لغزة الشماء وتعديهم على الحرم المقدسي.
العلامة الحادية عشرة: تعطيل الجهاد في سبيل الله وذمه وإنكاره. فالجهاد ذروة سنام الدين، ولن يعيد أمجاد الجهاد الحقيقي إلا الإمام الموعود. روى أبو داود في السنن[ح_رقم:2125] والحاكم في المستدرك[ح_رقم:2351] عن عمران بن الحصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال"، وهذه الطائفة هم أنصار المهدي عليه السلام.
العلامة الثانية عشرة: ظهور الكفر ودعاته والجهر بالضلالة. وعصرنا امتاز بتعدد دعاة الضلالة، من الشيوعيين واللادينيين والقوميين و الرأسماليين ودعاة العولمة والرافضين للحجاب والمنادين بالحوار والتزام السلام.. وهلم جرا. روى أحمد في المسند[ح_رقم:22333] عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:" كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن الخير وأسأله عن الشر، فقلت: يا رسول الله هل بعد هذا الخير شر كما كان قبله شر؟ قال: نعم، قلت: فما العصمة منه؟ قال: السيف، قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم تكون هدنة على دخن، قلت: ثم ماذا؟ قال: تكون دعاة الضلالة، قال: فإن رأيت خليفة الله في الأرض فالزمه وإن نهك جسمك وأخذ مالك، فإن لم تره فاهرب في الأرض ولو أن تموت وأنت عاض بجذل شجرة، قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم خروج الدجال...". والخليفة المقصود هنا هو المهدي عليه السلام. وروى نعيم في الفتن عن مطر الوراق قال:" لا يخرج المهدي حتى يكفر بالله جهرة". ويتكرر هذا الأمر في القنوات والصحف والشبكة العنكبوتية وحتى في الشوارع كل يوم.
العلامة الثالثة عشرة: يظهر حين لا يبقى أحد يستحق أن يكون قائدا أو أميرا. ففي الفتن لنعيم بن حماد عن ابن شوذب عن بعض أصحابه قال:" لا يخرج المهدي حتى لا يبقى قيل ولا ابن قيل إلا هلك، والقيل: الرأس". وكما نرى فإنه لا يوجد في الأمة رأس وأمير يستحق هذا اللقب، فمنذ وقت طويل غاب عن الأمة القائد المجاهد، وساد المنافقون الناس وعلا شأنهم، أخرج الطبراني عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَسُودَ كُلَّ قَوْمٍ مُنَافِقُوهُمْ" [ح_رقم:1821].
العلامة الرابعة عشرة: يظهر عند انتشار احتقار المسلمين بعضهم بعضا. فقد روى نعيم في الفتن عن علي بن أبي طالب قال:" لا يخرج المهدي حتى يبصق بعضكم في وجه بعض". فلم تسلم حتى العائلة الواحدة من هذه التصرفات البذيئة.
العلامة الخامسة عشرة: يظهر عند اليأس والقنوط من الفرج حتى يقول الناس لا مهدي. ففي عقد الدرر للمقدسي عن محمد بن علي بن أبي طالب قال:" فخروجه إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن ترى فرجا ". وروى نعيم بن حماد في الفتن عن ابن عباس رضي الله عنه قال:" يبعث الله المهدي بعد إياس وحتى يقول الناس لا مهدي". وها هي ذي الأمة قد أعوزها القهر والظلم حتى كادت تيأس نهائيا من الفرج الموعود، ولم تعد تثق في أي أحد، خاصة وأن بعض الإسلاميين قد شمتوا فينا العدو بعد ولوجهم قبة البرلمان...
موضوع: علامات ظهور المهدي المنتظر 
